تُطْلِعُنَا المآلات التاريخية لمناهج البحث العلمي أن ثمَّة محاولات بحثية لابتكار أصول علمية جديدة في ميادين العلوم الإسلامية ظهرت قبل مائتي عام نتيجة لأسبابٍ مختلفة، حيث سعى أصحاب هذه التطلعات إلى تقديم قراءة جديدة في تفسير القرآن وفهم السنة النبوية، فتحسسوا بجهودهم البحثية هذه طرقاً لم تُطأ قبلاً، داعين- بذات الوقت -إلى الابتعاد عن المنظومة الفكرية التقليدية.
فبالإضافة إلى الطرق المتبعة في تفسير القرآن وفهم السنة، القائمة على المقاصد والمصالح والعادات وعلم الاجتماع، كان هناك أيضًا مَن دعا إلى تفسير ذينك الأصلين بمنظور تاريخي، حيث كان -حسب زعمهم-للبصمة التاريخية والبيئة الحاوية للحدث التشريعي أشد الأثر في منطق التأويل القرآني وفهمه.
كما تزامن ظهور نظريات دعت إلى نبذ التناول التقليدي للوحي باقتراح أدوات ومفاهيم بديلة، مع نشوء أفكار نادى أصحابها بوجوب التخلي عن السنة وتبني فهم ديني قائم على القرآن فقط، لتتوالى بعدها مناهج تقترح تغييرات في فهمنا للمعرفة والكون والدين بالإفادة من العلوم الحديثة.
وحتى الآن، لا يزال البحث عن الجديد وتجديد القديم من الأساليب مطلباً ملحاً لبث روح الإخلاص الديني في المجتمع، كما تجدر الإشارة إلى أن تلاطم هذه الأمواج الفكرية آذن بتحولات وتغييرات دلالية في العديد من المفاهيم المتعلقة بالعلوم الإسلامية.
علماً أن هذه النقاشات الساعية إلى استكشاف طرق وأساليب فهم جديدة دارت – وما تزال – في عموم ميادين العلوم الإسلامية، لاسيما منها الفقه والتفسير والحديث والكلام.
ضمن هذا الإطار، تلح على أفهامنا أسئلة تتعلق بالأسباب التي أدت إلى ظهور هذه المنهجيات البحثية في العلوم الإسلامية، ثم استعراضها وحساب نقاط قوتها وضعفها، والكشف عن مظاهرها الإيجابية منها والسلبية، وما اكتسبته أو خسرته في العلوم الإسلامية، وأخيراً الوقوف على النتائج التي انتهت إليها، وطبيعة الحلول الفكرية والبحثية التي قدمتها في الميادين التي وطئتها، إن الإجابة عن كل ما سبق من تساؤلات وغيرها من إشكاليات وجدت طريقها إلى الأذهان ولم تنل قسطها من الامتحان، دفعنا إلى الاعتقاد بضرورة تنظيم هذه الندوة، انطلاقاً من حتمية مناقشة هذه الإشكاليات بجوانبها كافة، وقبل هذا وذاك؛ سنحاول استكشاف مدى حاجة العلوم الإسلامية إلى منهج بحثي جديد.
وقبل الختام نذكر بأن الجهود المشتركة بين جامعة بايبورت وجامعة تشاناكالي أونسيكيز مارت وكلية الإلهيات بجامعة قارابوك، أثمرت سلسلة ندوات بدأت أولاها بضيافةٍ كريمة من كلية الإلهيات بجامعة بايبورت كان عنوانها “تصور السنة”.
واليوم نحط رحالنا في كلية الإلهيات في جامعة تشاناك قلعة أون سيكيز مارت لنعقد فيها ندوتنا الثانية التي نسعى من خلالها إلى ترك بصمة في الميدان العلمي المعني بتقييم “الطرق البحثية المبتكرة” في مجالات الفقه والتفسير والحديث والتصوف والتاريخ الإسلامي.
أرسلو ملخصاتكم إلى https://usulsempozyumu.comu.edu.tr/bildiri-gonder .
العنوان: تشاناك قلعة، كلية الإلهيات، جامعة أونسكيز مارت، شهيتلر يرليشكيسي، مركز تشاناك قلعة، تركيا
هاتف: +90 286 218 0018
البريد الإلكتروني : usulsempozyumu@comu.edu.tr